تنبه المحللة السياسية للقناة 12 العبرية، دفنا ليئيل، أن التحدي الكبير أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبدأ الآن بعد اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله.
وتقول ليئيل في مقال على موقع «القناة «12 العبرية، إنه على مدار عام تقريبا، حذر نتنياهو وكبار المسؤولين الإسرائيليين في محادثات مغلقة من سيناريو كارثي متوقع في الجبهة الشمالية، وساد القلق في القيادة الإسرائيلية من انهيار المباني في العمق الإسرائيلي وسقوط مئات القتلى، وتضرُر البنى التحتية الحيوية، منوهة بأنها سمعت تحذيرات كهذه بأذنيها.
وتقول إن هذه «هي الفرضية هي التي دفعت إسرائيل في الماضي إلى التغاضي عن استفزازات على غرار إقامة «حزب الله» نقاط مراقبة في مزارع شبعا، وهي أيضا السبب في بقاء سكان الشمال خارج منازلهم لمدة تصل إلى عام، لأن إسرائيل وافقت على التعامل وفقا لنظام المعادلات المشوهة التي وضعها حسن نصر الله».
وتشير إلى أن «التقديرات حتى الأشهر الأخيرة، وبعد قتال دام نحو عام مع “حزب الله” “تحت عتبة الحرب”، كانت تشير إلى أنه قادر على إلحاق أضرار جسيمة بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، وعندما كان الحديث يدور بشأن تصعيد في الجبهة الشمالية، كان المقصود تحركا محدودا أكثر كثيرا مما نراه الآن».
لكن القلق من وقوع خطأ عملياتي غير كل شيء؛ «إذ أشارت معلومات استخباراتية إلى أن عملية تفجير أجهزة الاتصالات (التي تُنسب إلى إسرائيل بطبيعة الحال) يمكن أن يتم كشفها، وهذا ما دفع إسرائيل، وفقا لمصادر أجنبية، إلى التدخل في الجبهة الشمالية مبكرا وبقوة هائلة».
وتتابع: “لقد أدرك نتنياهو والمؤسسة الأمنية أن فرصة عملياتية نادرة كانت على وشك الضياع، فتم إعطاء الضوء الأخضر، على الرغم من التوقعات بردة فعل عنيفة من جانب الحزب. لكن العملية كانت قوية للغاية، إلى درجة أن الرد تأخر في الوصول. ومن هنا، كان الطريق قصيرا نسبيا إلى الموافقة على العمليات اللاحقة وسلسلة الاغتيالات».
وطبقا لليئيل فقد تم اتخاذ قرار اغتيال نصر الله في اللحظة التي بات فيها «حزب الله» أضعف كثيرا. وعن ذلك تتابع: «يقول المثل إن دخول الحمام ليس كالخروج منه»، إذ إن المعركة لم تنته بعد، لكن إذا كان «حزب الله» أضعف كثيرا مما كنا نظن، فإن ذلك يُعد حدثا يغير الواقع في مواجهة إيران، التي يُعتبر الحزب درعها الواقي، وقبالة دول أخرى في المنطقة تتابع التطورات باهتمام».
إلى أين تتجه الأمور؟
تسأل ليئيل وتجيب: “قمنا هذا الأسبوع في أخبار «القناة 12» ببث استطلاع جديد أُجري بعد أسبوعين من توجيه الضربات في الشمال، وقد فاقت الإنجازات المذهلة في مواجهة «حزب الله» كل التوقعات، وقد أُجريت الاستطلاعات في اليوم الذي تلا إعلان اغتيال نصر الله، لكن بصورة مفاجئة، لم يكن هناك ارتفاع كبير في دعم نتنياهو. صحيح أن نِسَبَ المؤيدين لنتنياهو كمرشح ملائم لرئاسة الحكومة تعززت بصورة ملحوظة، لكنه حصل على ثلاثة مقاعد إضافية فقط. وقد تراجع حزب إيتمار بن غفير من 9 مقاعد إلى 6 مقاعد. وقد قلنا هنا أيضا، في سياق مختلف، إن نتنياهو قرر أن يكون أكثر تطرفا من بن غفير كي يحافظ عليه في حكومته، ويمنعه في الوقت نفسه من تعزيز قوته، وبالتالي، يسعى لعقد انتخابات مبكرة».
لكن لهذا الأمر دلالة أعمق برأيها: “على الرغم من أن الجمهور الإسرائيلي سعيد باغتيال نصر الله، والأهم من ذلك، سعيد بتقليص قدرات التنظيم الإرهابي الذي لطالما نشر الرعب في إسرائيل، لكنه في هذه المرحلة لا يشعر بالابتهاج فهل سيتمكن نتنياهو من تحويل هذه الإنجازات العسكرية المذهلة إلى نصر إستراتيجي؟ وهل سيعرف كيف يستغل الوضع لتحقيق أهداف الحرب المتمثلة في إعادة السكان إلى الشمال واستعادة الأسرى؟ وهل سيسعى أيضا لتحقيق السلام مع السعودية، الأمر الذي سيعزز بصورة كبيرة مكانة إسرائيل في المنطقة؟ ولهذا الأمر تكاليف يمكن ألا يكون نتنياهو مستعدا لدفعها”.
قدرة وشجاعة
وتقول المحللة الإسرائيلية إنه «في حكومة الـ64 مقعدا (التي أصبحت حكومة الـ68 بعد انضمام ساعر)، يتطلب الأمر شجاعة وقدرة على القيادة، ليس فقط في مجال اتخاذ خطوات عسكرية طموحة، بل أيضا في لحظات أُخرى، وهي اللحظات التي تتطلب التفاوض والتوصل إلى تسويات سياسية».
وتمضي في هذا المضمار متسائلة: “فهل سيتخلى نتنياهو عن عقيدته التي ترتكز على الالتزام ببن غفير؟ وهل سيعرف كيف يحول هذه الإنجازات إلى خطوة تغير الواقع وتحسن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل لسنوات مقبلة؟».
وردا على هذه التساؤلات تقول ليئيل: “الجمهور الإسرائيلي لا يزال في حاجة إلى إجابة عن أسئلة كهذه. ونحن قد دخلنا السنة العبرية الجديدة، لذا لا يمكننا تجاهل المحاسبة، كما اعتاد اليهود في نهاية كل عام. ومن شأن دخول جدعون ساعر في الحكومة أن يطيل عمرها بصورة كبيرة على الأرجح، بحيث تستمر حتى نهاية ولايتها الرسمية في نهاية 2026، وهذا يعني أنه لن يتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية لمدة عامين على الأقل، وإذا ما تشكلت، فإن أمام هذه اللجنة صعوبة كبيرة في العمل بفاعلية، وهذا الأمر يثير الحنق».
وتقول هنا إن السبب وراء عدم تشكيل لجنة كهذه هو جزء من الفهم المشوه لنتنياهو بأن اللجنة ستكون “متحيزة”، وأن كل من لا يدعمه بالكامل هو في الواقع خصم يسعى للإطاحة به.
وتختم ليئيل بالقول: “لم يعد الإسرائيليون يتحملون هذا الوضع؛ فقد كان الإخفاق كبيرا جدا بحيث لا يمكن لعقلية مشوهة كهذه أن تمنعنا من التحسن واستخلاص العِبَر، وهذا هو الحد الأدنى الذي يستحقه ضحايا 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو الحد الأدنى لكل من يخطط للبقاء هنا في العام المقبل ويرى مستقبلا في هذا البلد».