يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ممارساته الإجرامية، في فصل جديد من فصول التطهير العرقي في شمال قطاع غزة، ولليوم التاسع على التوالي يُبيد الاحتلال ويجوع ويهجر البقية الباقية من سكان شمال القطاع، التي لم تنزح جنوباً، هذا ويُكثف الاحتلال عدوانه على الأهالي في منطقة جباليا “المعسكر والبلد”، ومشروع بيت لاهيا.
وقالت مصادر محلية في غزة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يفصل شمال قطاع غزة عن مدينة غزة من خلال سيطرة الآليات وغطاء الطائرات المسيّرة، وسط تدهور إنساني حاد، والهدف المعلن لجيش الاحتلال هو تدمير “القدرات العملانية” لحركة حماس، بعدما تحدث عن مؤشرات تدل على أن الحركة تعيد تجميع قواتها فيها، بعد قصف واشتباكات متواصلة منذ نحو عام، ولذلك طلب من السكان إخلاء المنطقة.
الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي، يقول إن الاحتلال يسعى للسيطرة على منطقتي جباليا وبيت لاهيا شمالاً لتطهير المقاومة في المنطقتين من جهة، ولتهجير المدنيين من جهة أخرى، ثم تنصيب إدارة محلية للمدنيين والسماح بعودة النازحين جنوباً بعد “الفلترة”، وفقاً للخطة التي وضعهتا إسرائيل لمعالجة عودة سكان شمال القطاع.
إسرائيل تتجه لتنفيذ “خُطة الجنرالات” بشكل غير مُعلن
ووفقاً للمؤشرات الأولية فإن إسرائيل تتجه لتنفيذ “خُطة الجنرالات” بشكل غير مُعلن يقول ياغي، وذلك لفرض تسليم الأسرى الإسرائيليين المُحتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع، من خلال تكثيف الضغط العسكري.
وتشير خطة وضعها اللواء المتقاعد غيورا آيلاند وأُطلق عليها إعلاميا “خطة الجنرالات” إلى إجلاء المدنيين، ويتبعه حصار محكم بحيث لا يدخل شيء إلى المنطقة حتى يستسلم المقاتلون، وهذا ما يحدث بالضبط من خلال إطباق الحصار على جباليا واستهداف كل ما يتحرك، وقطع سبل الإمداد بشكل كامل، منذ نحو أسبوع.
من جهة أخرى يقول ياغي إن قراءة ما يجري في شمال القطاع لا تتم بمعزل عن قراءة تصريحات السياسيين الإسرائيليين الأخيرة المُتعلقة بتوسيع دولة إسرائيل، وتوجهاتهم المُعلنة لضم الضفة والأغوار وأجزاءٍ من لبنان، وأجزاءٍ من شمال القطاع، مشيراً إلى أن إقامة قناة البحرين (ربط البحر المتوسط بالبحر الاحمر)، تتطلب ضم أجزاءٍ من شمال قطاع غزة.
الوقت ينفد في شمال القطاع، والفجوات بين الواقع والمطلوب تتسع
وتتعاظم المأساة الانسانية، وتتوالى صرخات الاستغاثة من مناطق شمال القطاع، وسط تدهور إنساني حاد وفقاً لتقديرات عديد المنظمات الأممية، في الوقت الذي تتسع فيه الفجوات بين الواقع والمطلوب.
وفي تعليقه على ذلك يقول ياغي “القصور سيدُ الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي، وعوامل الصمود في مناطق شمال القطاع هي عوامل ذاتية”، وعلى أهمية الاستعداد الذاتي للسكان في مناطق شمال القطاع للبقاء والصمود في وجه آلة القتل الإسرائيلية، إلّا أن العامل الذاتي لوحده لا يكفي، خاصة في ظل غياب كل وسائل الإسناد والإمداد اللازمة.
بشكل وحشي .. إسرائيل تسعى لخلق ميزان جديد للديموغرافيا اللبنانية
وعن مُستجدات العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان للأسبوع الرابع على التوالي، يشير ياغي إلى أن الاحتلال يسعى لتهجير الكُتلة الشيعية وتعتبر الحاضنة الشعبية والاجتماعية لحزب الله اللبناني، موضحاً ان حكومة نينياهو مدفوعٌة بإجماع إسرائيلي داخلي لضرب لبنان، وتفتيت قُدرات حزب الله اللبناني.
ويوضح ياغي أن سلوك الإبادة والتدمير الإسرائيلي في جنوب لبنان، يُضاهي سلوك الإبادة والتدمير في قطاع غزة منذ نحو عام، وتسعى إسرائيل من خلاله للسيطرة الأمنية على مناطق الجنوب اللبناني من جهة، ولخلق ميزان جديد للديموغرافيا اللبنانية، حيث إن إسرائيل باتت تعي تماماً بعد معركة طوفان الأقصى التي لم تقل كلمتها بعد، خطورة الحاضنات الاجتماعية للفعل المقاوم بغض النظر عن جُغرافيا الفعل المقاوم.
“الطوفان لم يقل كلمته بَعدْ”
ويؤكد ياغي أن معركة إسرائيل الحقيقية هي معركتها البرية مع حزب الله في قلب مناطق نفوذه، وليس فقط في الجنوب اللبناني إنما في البقاع شرقاً وفي الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.
ويضيف: “الطوفان لم يقل كلمته بَعدْ”، في إشارة إلى أن نتائج المواجهة بين حزب الله وإسرائيل لم تُحسم بعد، مؤكداً أن الميدان هو صاحب الكلمة الفصل.
وفي ختام حديثه يلفت إلى أن إسرائيل تسعى لجر المنطقة إلى حرب تُشارك فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر، حيث إن مسألة التسويات والتفاهمات السياسية ليست واردة ضمن حسابات حكومة اليمين المُتطرف، إلّا ضمن شروطها، وهذا ما يُفسر الرسائل الإسرائيلية الاخيرة بأن أي اتفاق مع حزب الله، يجب أن يشمل موافقة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، بتبادل الأسرى وفقاً للشروط الإسرائيلية.