في العاشر من كانون الأول من كل عام، يقف العالم لإحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهو مناسبة تسعى لتذكير البشرية بقيم العدالة، والحرية، والمساواة التي صاغتها المواثيق الدولية. ولكن في عام 2024، تتضح أمامنا صورة قاتمة تعكس تدهور هذه القيم على جميع المستويات.
نعيش في عالم حيث تُهدم البيوت والمساجد والمدارس والكنائس بلا تمييز، وحيث تُباد الحياة بكل أشكالها؛ من الإنسان إلى الحيوان والنبات. في هذا العالم، لا تسود إلا لغة القوة والهيمنة، وتُمزق الاتفاقيات والعهود الدولية دون تردد. يومًا بعد يوم، نشهد انتهاكات لحقوق الإنسان تُمارَس بطرق مختلفة، وبمسميات زائفة تُبرر الظلم والاستبداد.
أي حقوق إنسان؟
كيف نتحدث عن حقوق الإنسان في وقت تنزف فيه الأرض دمًا؟ كيف نتحدث عنها وهناك شعوب تُباد في وضح النهار، وأخرى تُحاصر وتُجرد من أبسط حقوقها في العيش الكريم؟ من فلسطين إلى سوريا واليمن، ومن أوكرانيا إلى إفريقيا وآسيا، يتواصل مسلسل الانتهاكات بلا رادع.
المفارقة الصارخة
المفارقة الكبرى في هذا اليوم ليست فقط في حجم الانتهاكات، بل في ازدواجية المعايير التي يتعامل بها العالم مع قضايا الإنسان. تُبذل جهودٌ دولية للاحتفاء بهذا اليوم، بينما تُغض الطرف عن الجرائم التي تُرتكب يوميًا ضد الإنسانية.
التحدي والمواجهة:
إن إحياء هذا اليوم في ظل هذه الأوضاع يجب أن يكون دعوة صريحة لمراجعة جذرية للنظام الدولي الذي يشرعن الظلم ويكرس الفجوة بين الأقوياء والمستضعفين. يجب أن يكون تذكيرًا بضرورة بناء منظومة إنسانية جديدة تُعيد الاعتبار للإنسان كقيمة أساسية، لا مجرد أداة لخدمة المصالح السياسية والاقتصادية.
في هذا اليوم، ونحن نشهد انهيار القيم التي أُسست عليها حقوق الإنسان، علينا أن نتساءل: هل يكفي أن نُحيي ذكرى؟ أم أننا بحاجة إلى حركة عالمية جادة تعيد صياغة الواقع بما يضمن الكرامة والعدالة للجميع؟