تراهن واشنطن على أن اتفاق وقف النار مع حزب الله قد يمهد الطريق لهدنة في غزة تشمل تبادل أسرى. لكن استمرار إسرائيل في حربها يعرقل الوصول إلى حلول، رغم إشارات حماس للاستعداد للتفاوض ضمن شروط تضمن انسحاب الاحتلال ووقف العدوان.
وبعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل ولبنان برعاية أميركية وفرنسية، يُتوقع أن تشهد الساعات المقبلة تحركات دبلوماسية جديدة للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، أو هدنة مؤقتة تشمل الإفراج عن عدد من الأسرى الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، في محاولة لتحريك المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود.
في الوقت نفسه، أكدت حركة حماس استعدادها للتعاون مع أي جهود لوقف العدوان على قطاع غزة، مشددة على ضرورة تحقيق شروطها في إطار اتفاق شامل يشمل تبادل الأسرى؛ فيما يبقى الوضع في غزة بعيدًا عن الحل في الوقت الراهن رغم تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لضمان وقف الأعمال العسكرية وتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين.
ونفى مسؤول إسرائيلي تحدث لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، مساء الأربعاء، التقارير التي تحدثت عن زيارة مرتقبة لوفد مصري إلى إسرائيل، مشيرًا إلى أنه رغم أن حركة حماس تبدي استعدادها للتفاوض، لكنها “لا تزال متمسكة بمواقفها الأساسية المطالبة بانسحاب كامل وإنهاء الحرب”. وأكد المصدر أن “تحقيق تقدم يتطلب مرونة كبيرة من كلا الطرفين”، معتبرا أن “تحويل التركيز إلى غزة من شأنه أن يزيد الضغوط لدفع المفاوضات قُدمًا”.
وخلال اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت)، اعتبر رئيسا الشاباك، رونين بار، والموساد، دافيد برنياع، أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان قد يكون له تأثير على مفاوضات إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة. مشيرا إلى أن “مركز الثقل الآن ينتقل إلى الجنوب، نحو غزة”، في المقابل، أشارت مصادر مطلعة إلى أن التقدم في هذا الملف ما زال محدودًا، رغم الضغوط المستمرة على حركة حماس لدفع المفاوضات.
وكانت تقارير عربية وإسرائيلية قد أفادت بأن وفدًا مصريًا قد يصل إلى إسرائيل في الساعات المقبلة لبحث اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، يتضمن تبادل أسرى؛ وبحسب التقارير، سيعرض الوفد المصري مقترحات لما يُعرف بـ”اليوم التالي”، تشمل إدارة مدنية في غزة بإشراف السلطة الفلسطينية. وشدد مسؤولون إسرائيليون تحدثوا للقناة 13، على أن “الستين يومًا المقبلة ستكون اختبارًا لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان”، وسط مساعٍ لضمان استمراره.
وفي هذا السياق، احتشدت عائلات أسرى إسرائيليين اليوم أمام مكتب رئيس الحكومة في الكنيست، مطالبة بإبرام صفقة شاملة لإطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة، وإنهاء الحرب على غزة. وأكدت العائلات في بيان صادر عنها أن “على غرار الاتفاق السريع الذي أُبرم مع لبنان، يمكن التوصل إلى اتفاق مماثل في غزة، مع ضمان قدرة الجيش الإسرائيلي على استئناف عملياته العسكرية عند الضرورة”.
وفي إعلانه عن الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، مساء الثلاثاء، قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إنه سيجدد الآن مساعيه للتوصل إلى اتفاق في غزة، وحث إسرائيل وحماس على اغتنام الفرصة؛ وقال إن الولايات المتحدة وتركيا ومصر وقطر ستسعى مجددا لوقف إطلاق النار في غزة؛ ولم تظهر أي إشارة تدل على أن إسرائيل تعتزم تخفيف ضغطها العسكري المتصاعد.
وأفاد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إن بايدن سيطلق تحركا جديدا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في القطاع، وذلك “عبر تواصل مبعوثيه مع تركيا وقطر ومصر وافرقاء آخرين في المنطقة”، وأضاف “نعتقد أن هذه بداية فرصة لشرق أوسط أكثر استقرارا حيث أمن إسرائيل مضمون ومصالح الولايات المتحدة مؤمّنة”.
وتراهن واشنطن على أن الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، قد يزيد الضغط على حماس للقبول باتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى؛ واعتبر المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، عاموس هوكشتاين، الذي أدار المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحزب الله، أن ما حصل في لبنان يشكل فرصة لوقف لإطلاق النار في غزة.
وقال هوكشتاين الأربعاء خلال اجتماع مع أفراد من الجالية اليهودية الأميركية: “نعتقد إلى حد بعيد أن اتفاق لبنان يفتح الآن هذا الباب”، لافتا إلى أنه بعد توقيع الهدنة مع حزب الله فإن إسرائيل لم تعد “تخوض حربا سوى على جبهة واحدة”. وأضاف أن “الدعم لن يأتي بعد اليوم من الشمال بالنسبة لحماس. إنه الوقت لتأخذ الحركة المبادرة وتجلس إلى طاولة” المفاوضات.
وأكدت حركة حماس، الأربعاء، أنها ملتزمة “التعاون مع أي جهود لوقف إطلاق النار في غزة”، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية وحزب الله في لبنان. وقالت الحركة، في بيان، إنها معنية “بوقف العدوان على شعبنا” ولكن ضمن محددات “هي وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وانجاز صفقة تبادل للأسرى حقيقية وكاملة”.
وأكد مصدر قيادي في الحركة، الأربعاء، أنها أبلغت “الوسطاء في مصر وقطر وتركيا أنها جاهزة لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة جادة لتبادل الأسرى، إذا التزم الاحتلال، لكن الاحتلال يعطل ويتهرب من الوصول لاتفاق ويواصل حرب الإبادة”، مشددا على أن “المقاومة ستتواصل طالما استمر العدوان”.
وقال القيادي في الحركة: “نحن في حماس سعداء لاتفاق وقف العدوان وحرب الإبادة في لبنان لأن حزب الله دائما وقف إلى جانب شعبنا وفلسطين والمقاومة وقدّم تضحيات كبيرة”.