اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، اليوم الأربعاء، تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن “السيطرة” على قطاع غزة بأنها “عنصرية”، ومحاولة مكشوفة لتصفية القضية الفلسطينية.
وأمس الثلاثاء (بتوقيت واشنطن)، كشف الرئيس الأميركي عن خطة تتيح للولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة، وإعادة توطين الفلسطينيين في دول أخرى، سواء أرادوا المغادرة أم لا، وتحويل المنطقة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وقدم ترمب اقتراحه الصادم وسط استهجان ظاهر بين الحضور خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
تصريحات ترمب “عنصرية وعبثية”
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج ترمب لمخطط نقل فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وقال القيادي في حركة حماس سامي أبو زهري، في تصريح لـ”التلفزيون العربي”: إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول تهجير سكان غزة واحتلال القطاع “عبثية ولا تعكس أي فهم للواقع”.
وأضاف أبو زهري أن “شعبنا الفلسطيني لن يسمح بتمرير مخطط التهجير”، مؤكدًا أن ترمب “سيفشل في تنفيذ مشاريعه المتعلقة بغزة”.
وأشار إلى أن إعلان ترمب عزمه إرسال جنود إلى القطاع هو “دليل على فشل نتنياهو في غزة وعجزه عن تحقيق أي أهداف هناك”.
ووصف تصريحات ترمب بأنها “تعكس جهله الكبير بفلسطين والمنطقة”، مشيرًا إلى أن القضية الفلسطينية “تواجه مخططًا خطيرًا لتصفيتها”.
ودعا أبو زهري الأطراف العربية إلى “عدم التورط في هذه المخططات التي تستهدف الشعب الفلسطيني”.
من جانبه، أكد القيادي في حماس عزت الرشق في بيان مقتضب أن حماس ترفض تصريحات الرئيس الأميركي التي دعا فيها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى مغادرة وطنهم بذريعة إعادة الإعمار.
وقال الرشق إن: “تصريحات ترمب عنصرية، ومحاولة مكشوفة لتصفية قضيتنا الفلسطينية والتنكر لحقوقنا الوطنية الثابتة”.
وأضاف: “شعبنا في غزة، أفشل خطط التهجير والترحيل تحت القصف على مدار أكثر من 15 شهرًا، وهو مغروس في أرضه، ولن يقبل بأي مخططات تهدف إلى اقتلاعه من جذوره”.
ترمب يكشف عن عزم بلاده الاستيلاء على غزة
وفي خطة تهجير تفتقر إلى التفاصيل حول كيفية نقل أكثر من مليوني فلسطيني أو السيطرة على غزة، قال ترمب: إنه سيجعل القطاع المدمر بسبب الحرب “لا يصدق” من خلال إزالة القنابل غير المنفجرة والأنقاض وإعادة تطويره اقتصاديًا.
وأضاف أن “الولايات المتحدة سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة، وسنقوم بعمل هناك أيضًا. سوف نمتلكها. وسنكون مسؤولين عن تفكيك كل القنابل غير المنفجرة والأسلحة الأخرى الخطيرة في هذا الموقع”.
وأشار إلى أن هناك دعمًا من “أعلى القيادات” في الشرق الأوسط، رافعًا من حجم الضغوط على مصر والأردن لاستقبال النازحين من غزة، على الرغم من رفضهما مع الفلسطينيين بشكل قاطع هذه الفكرة.
واقترح ترمب “ملكية طويلة الأمد” لغزة من قبل الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن خطته ستجعل من القطاع المدمر “ريفييرا الشرق الأوسط. وقد يكون هذا شيئًا بالغ الروعة”، وفق قوله.
من جهته، أشاد نتنياهو بالرئيس ترمب ووصفه بأنه “أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق”، معتبرًا أن خطته للسيطرة الأميركية على قطاع غزة يمكن أن “تغيّر التاريخ”، بحسب وصفه.
“وجود بائس”
لكن الأمر سرعان ما تحول إلى كشف صادم عن خطة من شأنها أن تغير وجه الشرق الأوسط بشكل كلي، حسب وكالة فرانس برس.
وبدا أن ترمب الذي أعلن أيضًا عن نيته زيارة غزة، يلمح إلى أن إعادة البناء لن تكون لصالح الفلسطينيين. وقال الرئيس الأميركي: “لا ينبغي أن تمر المنطقة بعملية إعادة إعمار وتوطين من نفس الأشخاص الذين (…) عاشوا هناك وماتوا هناك وكان لهم وجود بائس هناك”.
من جهته، شدد السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور الثلاثاء أن على زعماء العالم وشعوبهم احترام رغبة الفلسطينيين بالبقاء في غزة.
وصرّح منصور :”وطننا هو وطننا، وإذا دمر جزء منه، قطاع غزة، فإن الشعب الفلسطيني اختار العودة إليه”، مضيفًا: “أعتقد أن على القادة والناس احترام رغبة الشعب الفلسطيني”.
وقال حاتم عزام أحد سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة: “يجب أن يفهم ترمب ونتنياهو حقيقة شعب فلسطين وشعب غزة، الشعب متجذر بأرضه، لن نرحل ولن نهاجر تحت أيّ مسميات وخدع كاذبة”.
وكان ترمب غامضًا بشأن تفاصيل خطة تملك غزة، لكنه ألمح إلى أن ذلك قد يتطلب وجود قوات أميركية على الأرض في أحد أكثر الأماكن اضطرابًا في العالم “إذا لزم الأمر”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ترمب عن الأراضي الفلسطينية من ناحية عقارية، إذ قال في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إنها قد تكون “أفضل من موناكو”.
“كسب الحرب”
إلى ذلك، لم يستبعد نتنياهو عودة الحرب مع حماس أو مع أعداء إسرائيل الآخرين في المنطقة، بما في ذلك حزب الله اللبناني وإيران.
وأكد نتنياهو “سننهي الحرب بكسبها”، متعهدًا في الوقت نفسه ضمان عودة جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.
وأعرب عن ثقته في قدرته على التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية، قائلًا للصحافيين إنه ملتزم بجعله حقيقة.
وأضاف: “أعتقد أن السلام بين إسرائيل والسعودية ليس ممكنًا فحسب، بل أعتقد أنه سيتم”.
لكن السعودية أعلنت الأربعاء مباشرة بعد تصريحه أنها لن تطبّع مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية، وفق ما أفاد بيان عن وزارة الخارجية.
وقالت الخارجية في بيانها: إن “السعودية لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”، مضيفة “أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك”.
أستراليا تؤيد حل الدولتين في غزة بعد إعلان ترمب
وفي أعقاب إعلان ترمب المفاجئ عزمه تولي السيطرة على قطاع غزة، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي اليوم الأربعاء، أن حكومته تؤيد حل الدولتين في الشرق الأوسط.
وأضاف ألبانيزي في مؤتمر صحافي “موقف أستراليا هذا الصباح هو نفسه ما كان في العام الماضي”.
وأردف قائلًا: “الحكومة الأسترالية تؤيد حل الدولتين”.
من جهته، شدّد الأكاديمي والباحث في الشأن الإسرائيلي، علي الأعور، على أن الفلسطينيين لا يمكنهم التخلي عن أرضهم، مشيرًا إلى عودة نصف مليون مواطن سيرًا على الأقدام لمسافة تقارب 15 كيلومترًا إلى جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا المدمرة، لإثبات أن هذه الأرض لهم، وهم أصحابها، في رسالة موجهة إلى ترمب ونتنياهو واليمين المتطرف.
وفي حديثه للتلفزيون العربي من مدينة القدس، وصف علي الأعور تصريحات الرئيس الأميركي بأنها بعيدة عن الواقع وضرب من الخيال، مشيرًا إلى أن الإسرائيليين أنفسهم يشككون في الطرح الذي يقدمه ترمب، ويرونه غير واقعي.
وأضاف أن من يسعى إلى شرق أوسط جديد، يسوده الاستقرار والأمن والسلام، عليه أن يعترف بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني.
لكن خطة ترمب الكبرى بشأن غزة من المقرر أن تواجه معارضة شديدة من الفلسطينيين ودول الشرق الأوسط.
ورفضت مصر والأردن وقطر، الدول الوسيطة في وقف إطلاق النار، بشكل قاطع اقتراح الرئيس الأميركي بنقل الفلسطينيين من غزة.
وأسفرت المرحلة الأولى من الهدنة حتى الآن عن إطلاق سراح 18 أسيرًا من غزة ونحو 600 أسير فلسطيني لدى إسرائيل، فضلًا عن تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
ويفترض أن تتيح المرحلة الثانية الإفراج عن آخر الأسرى الأحياء من غزة وإنهاء الحرب التي اندلعت في السابع أكتوبر 2023.