قال البنك الدولي، “إنه وبعد 11 شهرا على الصراع في الشرق الأوسط، تقترب الأراضي الفلسطينية من السقوط الاقتصادي الحر، وسط أزمة إنسانية تاريخية في قطاع غزة”.
وتناول تقرير البنك الدولي آخر المستجدات بشأن ما وصفه “أثر الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد الفلسطيني”، وأظهرت تجاوز التضخم في قطاع غزة الـ250%، بسبب تبعات العدوان المستمر منذ نحو عام، وتفاقم فجوة التمويل لدى السلطة الفلسطينية.
البنك الدولي يحذر من السقوط الاقتصادي الحُر في فلسطين
وفي تعليقه على ما جاء في تقرير البنك الدولي الأخير، يقول الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج إن الاقتصاد الفلسطيني يتهاوى ويتجه نحو السالب وفقاً لكل المؤشرات الكُلية الجزئية، مشيراً إلى أن الدورات الاقتصادية الأربع منذ أكتوبر 2023 لم تحقق أي نمو اقتصادي، وهو ما يُعمق حالة الانكماش.
ونهاية أيلول الماضي، أشار الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى تراجع حاد في الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين بنسبة 32%، في ظل الانكماش الحاد في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة خلال الربع الثاني 2024 بنسبة 86% مقارنة مع الربع المناظر بعام 2023، مع تراجع في اقتصاد الضفة الغربية بنسبة 22%.
ويُعَرِفُ الحاج السقوط الاقتصادي الحر الذي أشار إليه تقرير البنك الدولي وحذر منه، بانعدام المقومات الاقتصادية للحياة المعيشية للمواطن الفلسطيني من جهة، ولمؤسسات السلطة من جهة أخرى، ويرادفه “الإفلاس العام” من وجهة النظر الاقتصادية.
مؤشرات سلبية .. خروج المشاريع الصغيرة من السوق وتسريح موظفين وارتفاع نسبة البطالة
وعن أبرز مفاصل الكارثة التي حلت بالاقتصاد الفلسطيني، يشير الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج، إلى عدة مؤشرات سلبية، في مقدمتها تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي دورتين اقتصادتين متتالييتين، وتسبب بخروح المشاريع الانتاجية الصغيرة من السوق، ودفع بالشركات الكبيرة لتسريح موظفين.
يُضاف إلى ذلك ارتفاع نسبة البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، وتجوزت حاجز الـ60% خلال النصف الثاني من العام الجاري 2024، إضافة إلى انخفاض الطلب الكلي بسبب انخفاض الاستهلاك والاستثمار، وتقدر خسائر الاقتصاد الفلسطيني اليومية بـ26 مليون دولار.
ويشير في حديثه لـ”نشرة وطن الاقتصادية”، وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية إلى انخفاض الإيرادات الضريبة، جراء الظرف السياسي والاقتصادي الراهن، مع عدم وجود أي إمكانية لدفع رواتب الموظفين العموميين نظراً لاستمرار الاحتلال بقرصنة أموال المقاصة الفلسطينية.
حجم الدين العام في فلسطين يقترب من 15 مليار دولار
ويؤكد ضيفُنا أن العوامل المذكورة أعلاه مجتمعة تدفع بالاقتصاد الفلسطيني نحو الإفلاس، مشيراً إلى أن حجم الدين العام في فلسطين اقترب من 15 مليار دولار.
وتنعدم فرص الحلول المُمكنة لإحداث أي انتعاش اقتصادي مع استمرار تراجع الدعم الخارجي، واستمرار الاحتلال بقرصنة أموال المقاصة الفلسطينية، يقول الحاج.
لتنفيذ مُخططاته الخبيثة .. الاحتلال يؤسس لوضع اقتصادي يائس وبائس للفلسطينيين
ويشير إلى أن الاحتلال يعمل بشكل حثيث وخبيث لفرد أرضية لوضع اقتصادي يائس وبائس للفلسطينيين، لتنفيذ مُخططاته بضم الضفة الغربية وتكريس فصل قطاع غزة عن الضفة بشكل كُلي ونهائي، وتمكين المستوطنين عسكرياً وإدارياً لحُكم الضفة، ويحذر من مخاطر المُخططات الإسرائيلية الرامية لتقسيم الضفة جغرافياً، وما ينطوي على ذلك من تقسيم اقتصادي، أو ما يُعرف بـ”اقتصاد المعازل”.
ما الحلول المُمكنة؟
ولا يرى من سبيل للتحرر من الخُطط الإسرائيلية إلّا بتمكين الفلسطينيين من المقدرات المالية والموارد والطبيعية، وفك القيود الاسرائيلية على حركة الأفراد والبضائع والتجارة.
ومع انعدام الوسائل الناجعة لإحداث التغيير الاقتصادي المأمول، يشدد ضيفُنا على ضرورة تفعيل الشفافية والمحاسبة والمساءلة في إدارة المال العام، وضرورة تعزيز العلاقة مع مُناصري الحقوق الفلسطينية في كافة أنحاء العالم، مُشيراً إلى أن الأداء الفلسطيني في إدارة المال العام والأداء الفلسطيني الدبلوماسي لا يرتقيا لمستوى التضحيات الكبيرة، التي قدمها الشعب الفلسطيني ولا يزال.