في أحد مخيمات النزوح وسط قطاع غزة، تتعالى ضحكات عشرات الأطفال خلال عروض تقدمها فرقة موسيقية كوميدية للتخفيف من وطأة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ضجيج الطائرات التي تحلق على ارتفاعات منخفضة بين الفينة والأخرى ودوي انفجارات الغارات، لم يمنع هؤلاء الأطفال من اقتناص لحظات من الفرح.
ووسط أجواء من المرح، التف الأطفال حول أفراد هذه الفرقة التي اتخذت من ساحة رملية مقابلة لخيام النزوح مسرحا لأنشطتها.
موسيقى وسط المعاناة
بالتزامن، قدمت الفرقة عروضها الموسيقية والكوميدية للأطفال، حيث تجمع بعضهم حول شاب يعزف على “الجيتار” فيما التف آخرون حول رجل آخر يقدم عروضا كوميدية.
ورغم معاناة النزوح القسري والظروف المعيشية الصعبة من نقص الطعام والدواء والمياه، وفقدان الأحبة جراء الغارات الإسرائيلية، إلا أن ابتسامة الأطفال وضحكاتهم عمت المكان.
وحاول الأطفال خلال هذه العروض الترفيه عن أنفسهم عبر نسيان مؤقت لظروف الحرب ومشاهد الدمار والاستمتاع بهذه اللحظات التي يندر تكرارها بفعل ظروف النزوح المتكرر.
وعلى مدار أشهر حرب الإبادة، مثل الأطفال أكثر شرائح المجتمع تضررا حيث قتلت إسرائيل بالقصف المباشر نحو 17 ألف طفل، فيما فقد العشرات منهم الحياة جوعا، كما نزح عشرات الآلاف منهم مع ذويهم في ظروف قاسية، بحسب بيان سابق للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
ونزح الفلسطينيون قسراً من منازلهم تحت وطأة القصف الإسرائيلي من محافظات القطاع المختلفة، متوجهين إلى مناطق المواصي غرب ووسط القطاع.
واضطر النازحون إلى العيش في خيام مصنوعة من النايلون والقماش أو مراكز للإيواء ومنها المدارس والمستشفيات والسجون ومدن الألعاب والمراكز التعليمية والصحية؛ التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة الأساسية.
دعم وترفيه للأطفال
وقال باسم نصر الله، أحد أعضاء الفرقة: “نقدم حفلات تنشيطية للترفيه عن الأطفال، ونساعدهم للخروج من حالتهم النفسية”.
وأضاف إن هذه العروض تساعد الأطفال في التخلص من “الطاقة السلبية” التي لحقت بهم خلال الحرب.
وأوضح أن أطفال غزة يحبون “الموسيقى والغناء والمرح”، لافتا إلى أنها تساعدهم في الحياة بشكل أفضل.
وأشار إلى أن فرقته تجري جولات ترفيهية (في أماكن النزوح) للأطفال، يتم خلالها تقديم عروض لأغان وطنية، بدلا من أصوات القصف ومشاهد الدمار في أرجاء المكان.
وذكر أن هذه العروض من شأنها نشر الروح الإيجابية بين الأطفال الذين عانوا من هذه الحرب بأشكال مختلفة.
وفي يوليو الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن “أطفال غزة يموتون ويعانون إصابات خطيرة وصدمات نفسية، ويشاهدون والديهم يُقتلون وتُدمر منازلهم” جراء الهجمات التي تشنها إسرائيل على القطاع.
تفاعل لافت
من جانبه، قال وسيم لبد، وهو أحد أعضاء الفرقة أيضا، إن “هذه المبادرة الترفيهية تهدف لإسعاد الأطفال في ظل العدوان”.
وتابع: “نحاول تخفيف معاناة الأطفال عن طريق اللعب والغناء معهم”.
وأشار إلى دور الموسيقى في التخفيف من الآثار النفسية السلبية عند الأطفال، قائلا: “تساعد على تخفيف حدة الخوف الذي أوجدته الحرب”.
وأفاد بوجود “تفاعل كبير من الأطفال وذويهم كونهم هم أيضا يعانون من الحرب”، لافتا إلى أنهم ينظمون ضمن عروضهم “مسابقات ترفيهية”.
وفي مراكز الإيواء ومخيمات النزوح، ينظم متطوعون مبادرات فردية في إطار تقديم الدعم النفسي للأطفال، إلى جانب دور وكالة “أونروا” الأممية في تقديم هذا الدعم.
وفي 21 يوليو الماضي، قالت الأونروا في منشور على حسابها عبر منصة إكس، إن “فرقها بغزة رغم التحديات المستمرة، تواصل تقديم دعم الصحة العقلية لأطفال القطاع الذين يواجهون الفواجع والصدمات كل يوم”.
وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 138ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
(الأناضول)