أثار قرار تخفيض وكالة “موديز” التصنيف الائتماني لـ “إسرائيل” درجتين دفعة واحدة “البلبلة” بأوساط الاحتلال، في ما أعقبه من جملة التصريحات والآراء المتابينة لدى الاقتصاديين، ووسائل الإعلام الإسرائيلية.
ورصدت وكالة “سند للأنباء” هذه التصريحات الإسرائيلية، وتناولت آخر التغيرات التي طرأت على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعاني حالة من الهبوط المتصاعد، في ظل استمرار الحرب على غزة، وتصعيد الجبهة الشمالية بلبنان.
وخفضت وكالة “موديز”، مساء الجمعة الماضية، التصنيف الائتماني لإسرائيل درجتين من A2 إلى مستوى Baa1، وهو أدنى مستوى لها على الإطلاق، منذ بدء الحرب على غزة، والتصعيد في لبنان.
وأرجعت “موديز” الدافع الرئيسي لخفض التصنيف الائتماني، إلى المخاطر الجيوسياسية، مشيرة أنها “زادت بشكل كبير إلى مستويات عالية جدا، مع ما يترتب عن ذلك من عواقب سلبية مادية على الجدارة الائتمانية للاحتلال.
و”التصنيف الائتماني” بالنسبة للشركات أو البنوك أو الدول، يعني الجدارة الائتمانية، أو قدرة تلك الكيانات على الحصول على القروض اللازمة، ومدى قدرتها على الوفاء بما عليها من التزامات في موعدها.
فوضى التصريحات
صرح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن الاقتصاد الإسرائيلي “قوي” حتى بعد تخفيض التصنيف السيادي لـ”إسرائيل”، مضيفا أن “اقتصاد إسرائيل يتحمل عبء أطول وأغلى حرب بتاريخ البلاد”.
وأردف “سموتريتش” في بيان له، أمس السبت، أن “الاقتصاد لا يزال يجذب الاستثمارات حتى اليوم”، متابعا، أن حرب إسرائيل بغزة، ولبنان هدفها العيش لسنوات عديدة في سلام وأمن ونمو اقتصادي”.
وتابع الوزير الإسرائيلي قوله: “بعد أن ننتصر في الحرب وتنتهي، حتى أولئك الذين خفضوا تصنيفنا سيعيدونه إلى المستوى الحقيقي”.
فيما قال رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، اليوم الأحد، ، إن إسرائيل تغرق بوحل اقتصادي سببه سوء الإدارة؛ تعقيبا على قرار تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني الإسرائيلي درجتين دفعة واحدة.
وأضاف “لابيد” خلال مقابلة إعلامية بالإذاعة الإسرائيلية: “عندما يقول وزير المالية إن تخفيض “موديز” تصنيف إسرائيل الائتماني جاء بسبب الحرب، فلا يجب تصديقه.. فنحن غارقون بوحل اقتصادي بسبب سوء الإدارة”.
من جهتها، وصفت صحيفة غلوبس، المختصة بالاقتصاد الإسرائيلي قرار موديز بأنه “قاس” على البلاد، وسيؤثر على جاذبيتها كقبلة للاستثمارات.
وذكرت غلوبس أن “خفض التصنيف أشد مما توقعته أغلب التوقعات في الأسواق.. الخفض بحد ذاته ليس مفاجئا، لكن مقدار الخفض هو المفاجأة”.
وبهذه الخطوة، تستكمل موديز خفض تصنيف إسرائيل بـ 3 درجات خلال أشهر، بعد أن أعلنت في فبراير/شباط الماضي عن أول خفض على الإطلاق في تاريخ إسرائيل.
بدورها، قالت المحاسبة العامة، يالي روتنبرغ، في بيان: “إن قرار وكالة التصنيف الائتماني موديز مفرط وغير مبرر.. إن التصنيف المتخذ لا يتناسب مع البيانات المالية والاقتصادية الكلية للاقتصاد الإسرائيلي”.
وبينما تمنح موديز أدنى تصنيف لإسرائيل وهو Baa1، وهو ما يعادل BBB لدى الوكالات الأخرى، فإن وكالتي فيتش وستاندرد آند بورز تمنحان إسرائيل درجة أعلى عند A.
ماذا ينتظر الاقتصاد الإسرائيلي في ظل تصاعد الحرب مع “حزب الله”؟
وفي وقت سابق، قالت صحيفة “إيكونوميست” البريطانية إن السيناريو الكابوسي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي هو حرب شاملة مع “حزب الله”، مشيرة إلى أن “النمو الاقتصادي سيتضرر بشدة، وربما أكثر من ضربة 7 أكتوبر وسترتفع نفقات الجيش بشكل لافت”.
وأشارت الصحيفة إلى أن البنوك الإسرائيلية تعاني من هروب رؤوس الأموال، لافتة إلى أن البنوك الثلاثة الكبرى لدى الاحتلال أعلنت زيادة كبيرة في عدد من يطلبون تحويل مدخراتهم لبلدان أخرى.
وأكدت “إيكونوميست” أن خبراء الاقتصاد لدى “إسرائيل” مستسلمون لواقع اتجاه الأمور نحو الأسوأ، مضيفة أن “صناع السياسات الاقتصادية لدى الاحتلال يشعرون بقلق أكبر مما كانوا عليه منذ بداية الصراع”.
ويعاني الاقتصاد الإسرائيلي حالة التراجع الملحوظ، والانهيار المتصاعد منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول الماضي 2023، مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتصاعد التوتر في الجبهة الشمالية بلبنان مع “حزب الله”.
فارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية الإسرائيلية ضد التخلف عن السداد إلى أعلى مستوياتها منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر، وسط مخاوف من اتساع التوتر بين “إسرائيل” و“حزب الله” لحرب إقليمية.
وبحسب بيانات وكالة “ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس” بلغت تكلفة عقود مبادلة مخاطر الائتمان الإسرائيلية لأجل 5 سنوات “149” نقطة أساس، وهو السعر الأعلى منذ أكتوبر/تشرين أول الماضي 2023.
وأفادت الوكالة أنه كلما زاد عدد النقاط تكون كلفة التأمين على الديون السيادية أعلى، إذ تكون مرتبطة بالوضع السياسي والاقتصادي للبلد مصدّر الديون، وهذا يمهد لارتفاع الفوائد على القروض السيادية الإسرائيلية؛ بسبب المخاطر المرتفعة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، توجهت “إسرائيل” أكثر من مرة إلى أسواق الدين الدولية لتوفير السيولة النقدية اللازمة لتمويل حربها على قطاع غزة، والتوترات مع حزب الله في الجبهة الشمالية.
وسجلت “إسرائيل” ديونا سيادية جديدة خلال 2023، بلغت 160 مليار شيكل (43 مليار دولار)، من بينها 81 مليار شيكل (21.6 مليار دولار) منذ اندلاع الحرب، مقارنة مع 16.78 مليار دولار في 2022، وفقا لوزارة المالية الإسرائيلية.
وكان التصنيف الائتماني لـ “إسرائيل” قد شهد الشهر الماضي انخفاضا من “A+” إلى “A” مع نظرة مستقبلية سلبية، في ظل تواصل الحرب على قطاع غزة التي تلقي بظلالها على المالية العامة للاحتلال.
وخفضت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، تصنيف إسرائيل، موضحة أنّ هذا التراجع يعود إلى عوامل عدة، منها “الحرب المستمرة والمخاطر الجيوسياسية”.
وأبقت الوكالة على توقعات سلبية بشأن الائتمان في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة.
إلى ذلك، كانت بورصة تل أبيب قد شهدت تراجعا ملحوظا بداية التعاملات الأسبوعية الأسبوع الماضي؛ في ظل تصاعد الحرب في الجبهة الشمالية مع لبنان، وفقا لموقع كلاكسيت الاقتصادي الإسرائيلي.
وذكر الموقع الإسرائيلي أن مؤشر بورصة “تل أبيب 35” تراجع هذا الشهر بنسبة 0.6%، فيما تراجع مؤشر “تل أبيب 125” بنسبة 0.8%، في حين تراجعت البنوك 1.2% ، أمّا مؤشر العقارات فانخفض بنسبة 1.1%.
وبشأن أسعار السندات الحكومية، فقد لفت الموقع إلى انخفاضها، فيما قفزت عائدات السندات الإسرائيلية لأجل 10 سنوات بمقدار 7 نقاط أساس إلى 5.08%.
تصاعد الحرب الإسرائيلية في لبنان
وكان “حزب الله” قد أعلن عصر أمس السبت، بشكل رسمي، استشهاد الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، في الغارة الإسرائيلية على مبانٍ سكنية في الضاحية الجنوبية ببيروت مساء الجمعة.
وتواصل “إسرائيل” لليوم الـ 7 على التوالي، قصف مناطق متفرقة في لبنان؛ لا سيما الضاحية الجنوبية بالعاصمة “بيروت”، والتي تعرضت لأكثر من عملية قصف وعدوان عسكري من قبل طيران الاحتلال الحربي.
وأفاد وزير الصحة اللبناني، بأنه “منذ 8 أكتوبر سجلنا 1640 شهيدًا بينهم 104 أطفال و194 امرأة و8408 جرحى وما زال هناك شهداء تحت الركام ومفقودون”.
وفي السياق، نزح مليون لبناني من المناطق الجنوبية وضاحية بيروت، على وقع الغارات المتتالية والإنذارات التي أطلقها الجيش الإسرائيلي لإخلاء أحياء عدة.