أصدر مركز حقوقي ينشط في قطاع غزة، ورقة حقائق بعنوان «الصحافة هدف للإبادة» تناول خلالها انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي، بحق الصحافيين الفلسطينيين والعاملين في حقل الإعلام خلال حرب الإبادة الجماعية في غزة.
مخاطر كبيرة
وذكرت الورقة التي أعدها مركز «الميزان لحقوق الانسان» أن الصحافيين الفلسطينيين والعاملين في حقل الإعلام، يواجهون مخاطر كبيرة خلال عملهم الصحافي في الأراضي الفلسطينية، بسبب تعمد قوات الاحتلال استهدافهم، لترهيبهم ومنعهم من القيام بواجبهم المهني في نقل الحقيقة، وفضح جريمة الإبادة الجماعية، واستهداف المدنيين، وممتلكاتهم العامة، والخاصة.
وما يعزز القناعة بتعمد استهداف الصحافيين ووسائل الإعلام، وفق الورقة، استمرار حظر سلطات الاحتلال دخول وكالات الصحافة الأجنبية أو مراسليها، بعد مضي ما يقارب عام على جريمة الإبادة الجماعية، وهذا الأمر غير مسبوق في تاريخ الحروب.
وتستهدف الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام، وعائلاتهم وممتلكاتهم ومعداتهم، رغم وضوح شارة الصحافة، وارتدائهم ما يظهر طابع عملهم الصحافي، وحملهم معدات صحافية ظاهرة كالكاميرات ونحو ذلك، واستخدامهم مركبات تحمل شارة الصحافة، تبعا للورقة.
وإضافة إلى ذلك، تهاجم قوات الاحتلال مقرات وسائل الإعلام والمنشآت الإعلامية باختلاف أنواعها، مرئية، أو مقروءة، أو مسموعة، أو إلكترونية، في انتهاك واضح لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان.
وتحدث عن «حرب الإبادة الجماعية» التي تشنها قوات الاحتلال على غزة، والتي شهدت قتل واصابة مئات الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام، واعتقال العشرات منهم، ورغم المخاطر الشديدة التي تواجههم يواصلون القيام بواجبهم المهني والأخلاقي في نقل الحقيقة للعالم.
وذكر المركز الحقوقي في الورقة، بأن الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام، ينشطون خلال الأحداث بحكم طبيعة عملهم، ويحرصون على تغطية أحداث «جريمة الإبادة الجماعية» التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ويؤكد أن المعطيات الميدانية تشير إلى أنهم «تحولوا إلى أهداف عسكرية» بالرغم من الحماية المكفولة لهم في المواثيق الدولية.
وأظهرت أرقام الورقة، أن محافظة غزة، كانت أكبر منطقة شهدت انتهاكات بحق الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام بين محافظات القطاع خلال «حرب الإبادة الجماعية» حيث بلغ عدد الشهداء فيها ما نسبته (45.8٪) كونها المحافظة الأكبر من حيث مساحة وعدد السكان، تليها المحافظة الوسطى بنسبة (16.4٪) وجاءت محافظة شمال غزة في المرتبة الثالثة بنسبة (16٪) ثم محافظتي خانيونس ورفح بالنسبة نفسها (10.9٪). كما أوضحت المعلومات اختلاف الأرقام بعض الشيء بالنسبة لعدد الشهداء وفقا لمكان الاستشهاد والحدث، حيث لا تزال محافظة غزة تحتل المرتبة الأولى بنسبة (34.5٪) وهذا يشير إلى حجم وتصاعد الانتهاكات في المحافظة، وجاءت المحافظة الوسطى في المرتبة الثانية بنسبة (22.6٪) ثم محافظة الشمال بنسبة (17.7٪) فمحافظة خانيونس بنسبة (15.9٪) وفي المرتبة الخامسة محافظة رفح بنسبة (9.3٪).
وأظهرت الورقة أن الضحايا من المصورين الصحافيين هي الفئة الأعلى بين الصحافيين المستهدفين والضحايا بنسبة (33.5٪) ثم تأتي فئة المراسلين الصحافيين لوسائل الإعلام المختلفة ثانيا بنسبة (29.8٪) ثم فئة العاملين في مجال التحرير الصحافي بنسبة (12.5٪) وبعد ذلك يأتي الكتاب الصحافيين بنسبة (10.9٪) ثم فئة المذيعين في الإذاعات المحلية بنسبة (4.6٪) ثم فئة مقدمي البرامج الإعلامية والفنيين (الصوت والصورة والأستوديوهات الإعلامية) بالنسبة نفسها (4.1٪) وأخيرا تأتي فئة المخرجين الصحافيين بنسبة (0.5٪).
ويُعزى ارتفاع نسب الشهداء من المصورين والمراسلين الصحافيين إلى كونهم الأكثر تواجدا في الميدان لمتابعة الأحداث، لذا فهم الأكثر عرضة للاستهداف. فيما استشهد الصحافيون من الفئات الأخرى جراء قصف منازلهم أو أماكن قريبة منها كبقية المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
وحسب أرقام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن هناك 173 شهيدا من الصحافيين سقطوا خلال الحرب المستمرة ضد قطاع غزة.
وصنفت الورقة الشهداء من الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام، حسب نطاق عمل مؤسساتهم الإعلامية، سواء على الصعيد المحلي الفلسطيني أو على الأصعدة الإقليمية أو الدولية، لتأكيد عمومية الاستهدافات للصحافيين العاملين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية.
وتبين المعلومات أن العدد الأكبر من الشهداء الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام يعملون في وسائل إعلام فلسطينية محلية، حيث بلغت نسبتهم (92.2٪) ثم جاء العاملون في وسائل الإعلام الإقليمية بنسبة (6.3٪) وأخيرا جاء العاملون في وسائل الإعلام الدولية بنسبة (1.5٪).
القتل في ميدان العمل
وتشير الورقة إلى أن جميع هؤلاء الصحافيين هم فلسطينيون، بسبب منع الاحتلال دخول الصحافيين الأجانب إلى القطاع منذ بداية الحرب وعدم إصدار تصاريح العمل لهم، وتُظهر المعلومات أن العدد الأكبر من الشهداء قتلوا جراء القصف الجوي المباشر لهم أو لمنازلهم السكنية أو لأماكن تواجدهم أو نزوحهم بنسبة (95.8٪) وجاء من استشهدوا جراء القصف وإطلاق النار بنسبة (3.7٪) وأخيرا جاء من ثبت أنهم استشهدوا جراء المدفعي بنسبة (0.5٪).
كما تفيد المعلومات التي جمعها باحثو المركز أن 29 صحافيا وعاملا في حقل الإعلام من مجموع الشهداء، قتلوا في ميدان العمل خلال التغطية الصحافية، «وهو ما يعزز القناعة بتعمد استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لهم سواء أكانوا في الميدان أو في منازلهم أو في أماكن النزوح أو في المناطق المدنية».
وحين تطرقت الورقة للصحافيين المعتقلين، ذكرت أن باحثي مركز الميزان، تمكنوا من توثيق وجود 33 صحافيا في سجون الاحتلال، حيث كانت محافظة غزة صاحبة النصيب الأكبر من حيث عدد المعتقلين بنسبة (60.6٪) ثم محافظة الشمال بنسبة (27.2٪) ثم تأتي خانيونس بنسبة (9.1٪) ثم محافظة الوسطى بنسبة (3.1٪) فيما لم تسجل محافظة رفح أي حالات اعتقال لصحافيين أو عاملين في مجال الإعلام.
ويتعرض الصحافيون والعاملون في حقل الإعلام كغيرهم من المعتقلين المدنيين للتعذيب خلال مراحل اعتقالهم، ويوضح المركز الحقوقي، أن الرقم المذكور هو لمن تأكد اعتقالهم وزارهم محامو المؤسسات الحقوقية، أو أفرج عنهم.
وأشار إلى أن هناك صحافيين اثنين هما نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد، فقدت أثرهما قرب معبر بيت حانون بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلال تغطيتهم للأحداث الميدانية، حيث لا تتوفر عنهم أي معلومات حتى اللحظة.
وأوضح المركز أنه لم تتوفر إحصائيات دقيقة حول أعداد الصحافيين والإعلاميين الجرحى، بسبب عدم تصنيفهم عند دخولهم للعلاج في المستشفيات، لكنه قال إنه من المؤكد أن هناك المئات منهم، وستبين عمليات التوثيق النهائي بعد انتهاء الحرب حقيقة الأرقام.
وأكد المركز أن قوات الاحتلال ارتكبت انتهاكات جسيمة ومنظمة بحق الصحافيين الفلسطينيين والعاملين في حقل الإعلام، وأضاف «شكل تكرار الهجوم على الصحافيين دليلا واضحا على تعمد استهداف الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام».
وتابع «يشير الاستهداف المتعمد والمتكرر ومنع سلطات الاحتلال وسائل الإعلام الأجنبية ومراسليها من الدخول إلى قطاع غزة إلى أن الهدف من وراء الهجمات المنظمة على الصحافيين هو طمس الحقيقة ومنع وإعاقة نقل أحداث العدوان للرأي العام الدولي».
وأشار إلى أن قوات الاحتلال ارتكبت خلال «حرب الإبادة الجماعية» المستمرة على قطاع غزة انتهاكات خطيرة لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، لاسيما نص المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحمي الحق في حرية الرأي والتعبير وحرية الوصول إلى المعلومات وتداولها ونشرها. في الموازاة، أطلقت منظمة «مراسلون بلا حدود» سلسلة من الاحتجاجات في مناطق مختلفة في العالم تضامنا مع الصحافيين الفلسطينيين الذين استشهدوا في غزة حيث أصبح الحصول على المعلومات في خطر، حسب المنظمة.
وأول أمس الخميس، في ساحة حقوق الإنسان في باريس، رفع أعضاء المنظمة لافتة كتب عليها «بالوتيرة الحالية لقتل الصحافيين في غزة، لن يبقى أحد لإعلامكم قريبا». ورفعت أيضا مجموعة من السترات الصحافية المضرجة بالدماء قرب برج إيفل. ومن المقرر تنظيم إجراءات احتجاجية مماثلة في ألمانيا وبريطانيا والبرازيل وإسبانيا والولايات المتحدة والسنغال وتونس وسويسرا وتايوان. وقال المدير العام للمنظمة تيبو بروتان «نطالب بحماية الصحافيين في غزة، ووضع حد للإفلات من العقاب، وفتح القطاع أمام الصحافيين الأجانب» مشيرا إلى أن «الامر يتعلق بحقنا في الحصول على المعلومات».
وقدمت المنظمة غير الحكومية أربع شكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن «جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ضد صحافيين».
اعتقلت قوات الاحتلال الصحافي أحمد عليان خلال رحلة نزوحه إلى جنوب غزة.
وتحدث هذا الصحافي لقناة «الجزيرة مباشر» عما عاناه قائلا: كنت أسكن في الأبراج الكويتية وبعد بدء الحرب نزحت مع أسرتي إلى بيت العائلة في مدينة غزة.
وقال إنه مكث في بيت أهله مدة 6 أشهر، وفي هذه الفترة شددت سلطات الاحتلال الحصار ومنعت دخول الأكل والشرب إلى المنطقة، واضطر عليان وعائلته إلى أكل الأعشاب وعلف الحيوانات.
وقال إن صحته وصحة أولاده قد تدهورت إلى حد كبير بسبب انعدام الغذاء حتى إن ابنه كان يذهب إلى البسطات للبحث عن الطعام دون جدوى، وإنهم كانوا يعيشون على أكل الجزر بكميات قليلة جدا لا تسد الرمق.
وقبل رمضان بأربعة أيام أوضح إنه اضطر إلى النزوح إلى الجنوب، مع أسرته بسبب انعدام الطعام، وإن مما جعله ينزح بأسرته أن زوجته حامل ونصحه الأطباء بالرحيل بها إلى الجنوب بسبب نقص الغذاء.
وفي الحاجز وهو في طريقه إلى الجنوب احتجزه جنود الاحتلال بطريقة مهينة، وعاملوه معاملة فظة، برميه من أعلى الدرج وسحبه ثم وضعه على مكان تبولهم.
وبعد ذلك أخذه الجنود وبدأوا التحقيق معه، وقالوا له إنهم يشتبهون في أنه من حركة الجهاد الإسلامي، وسألوه عن منطقة جحر الديك التي كان يسكنها.
وبين عليان، أنه أثناء التعذيب من قبل جنود الاحتلال، ووسط الدموع، إنه دعا الله أن يخلصه لأنه كان شديد التعلق بأولاده الذين رحلوا بدونه.
ووصف تلك اللحظات وهو يجري في الحاجز ليلا، بعد أن سمح له الجنود بالذهاب بعد يوم من الاحتجاز، لكن مجندة إسرائيلية أمرته بالتوقف، فقال لها زميلها دعيه يذهب.
وأوضح إنه سار في حاجز شارع الرشيد وسط الجثث فأخذ يجري بكل قوته، وكان يأمل أن يجد مبنى يتقي به من قنص جنود الاحتلال، وكان باله مشغولا بأسرته التي ذهبت بدونه. أما الزوجة فقالت إنها التقت بزوجها بعد أن تلقت منه رسالة، بعد وصولها وهي في حالة صعبة فأخذتها طواقم الصليب الأحمر، وقدموا لها إسعافات أولية حيث كانت حاملا في شهرها السابع.
وأضافت الزوجة التي استشهد كل أفراد أسرتها في أول شهر للحرب، أنها فرحت كثيرا بعودة زوجها بعد أن أصبحت وحيدة عقب استشهاد أكثر من 66 شخصا من أهلها من عائلة الدهشان وما زالوا تحت الأنقاض.
اعتقلت قوات الاحتلال الصحافي أحمد عليان خلال رحلة نزوحه إلى جنوب غزة.
وتحدث هذا الصحافي لقناة «الجزيرة مباشر» عما عاناه قائلا: كنت أسكن في الأبراج الكويتية وبعد بدء الحرب نزحت مع أسرتي إلى بيت العائلة في مدينة غزة.
وقال إنه مكث في بيت أهله مدة 6 أشهر، وفي هذه الفترة شددت سلطات الاحتلال الحصار ومنعت دخول الأكل والشرب إلى المنطقة، واضطر عليان وعائلته إلى أكل الأعشاب وعلف الحيوانات.
وقال إن صحته وصحة أولاده قد تدهورت إلى حد كبير بسبب انعدام الغذاء حتى إن ابنه كان يذهب إلى البسطات للبحث عن الطعام دون جدوى، وإنهم كانوا يعيشون على أكل الجزر بكميات قليلة جدا لا تسد الرمق.
وقبل رمضان بأربعة أيام أوضح إنه اضطر إلى النزوح إلى الجنوب، مع أسرته بسبب انعدام الطعام، وإن مما جعله ينزح بأسرته أن زوجته حامل ونصحه الأطباء بالرحيل بها إلى الجنوب بسبب نقص الغذاء.
وفي الحاجز وهو في طريقه إلى الجنوب احتجزه جنود الاحتلال بطريقة مهينة، وعاملوه معاملة فظة، برميه من أعلى الدرج وسحبه ثم وضعه على مكان تبولهم.
وبعد ذلك أخذه الجنود وبدأوا التحقيق معه، وقالوا له إنهم يشتبهون في أنه من حركة الجهاد الإسلامي، وسألوه عن منطقة جحر الديك التي كان يسكنها.
وبين عليان، أنه أثناء التعذيب من قبل جنود الاحتلال، ووسط الدموع، إنه دعا الله أن يخلصه لأنه كان شديد التعلق بأولاده الذين رحلوا بدونه.
ووصف تلك اللحظات وهو يجري في الحاجز ليلا، بعد أن سمح له الجنود بالذهاب بعد يوم من الاحتجاز، لكن مجندة إسرائيلية أمرته بالتوقف، فقال لها زميلها دعيه يذهب.
وأوضح إنه سار في حاجز شارع الرشيد وسط الجثث فأخذ يجري بكل قوته، وكان يأمل أن يجد مبنى يتقي به من قنص جنود الاحتلال، وكان باله مشغولا بأسرته التي ذهبت بدونه. أما الزوجة فقالت إنها التقت بزوجها بعد أن تلقت منه رسالة، بعد وصولها وهي في حالة صعبة فأخذتها طواقم الصليب الأحمر، وقدموا لها إسعافات أولية حيث كانت حاملا في شهرها السابع.
وأضافت الزوجة التي استشهد كل أفراد أسرتها في أول شهر للحرب، أنها فرحت كثيرا بعودة زوجها بعد أن أصبحت وحيدة عقب استشهاد أكثر من 66 شخصا من أهلها من عائلة الدهشان وما زالوا تحت الأنقاض.