عبّر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من نيويورك عن ترحيبه بالنداء المشترك الصادر بمبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وبدعم من الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، لإرساء وقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان”، وقال: “تبقى العبرة في التطبيق عبر التزام إسرائيل تنفيذ القرارات الدولية”.
وكان رئيس الحكومة ألقى كلمة خلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي شكر فيها فرنسا لدعوتها “لعقد هذه الجلسة المهمة لمجلس الأمن، في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان”، كما شكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على الإحاطة التي قدمها، وقال: “لقد كانت فرنسا دائمًا صديقة وفية للبنان وشعبه، وقد وقفت إلى جانبنا في أصعب الظروف. وخير دليل على ذلك الجهد المخلص الذي تقوم به فرنسا الآن بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إصدار بيان مشترك مدعوم دولياً لوضع نهاية لهذه الحرب القذرة”.
وأكد: “نواجه اليوم في لبنان انتهاكاً واضحاً لسيادة الدولة اللبنانية وحقوق الإنسان عبر الممارسات الوحشية للعدو الإسرائيلي بحق دولتنا وشعبنا اللبناني، من خلال استباحة سيادته عبر إطلاق طائراته ومسيراته في سمائه، وقتل المدنيين فيه شباباً ونساءً وأطفالاً، وتدمير المنازل، وإرغام العائلات على النزوح في ظل ظروف إنسانية قاسية. هذا عدا عن بث الترهيب والرعب في نفوس المواطنين اللبنانيين، وذلك على مرأى من العالم كلّه دون أن يرف لهم جفن. وللأسف عدد الشهداء المدنيين الأبرياء والجرحى في ارتفاع مستمر، فالمئات من المدنيين قد فقدوا حياتهم في غضون أيام قليلة، والمستشفيات أصبحت غير قادرة على استقبال المزيد من الجرحى. لبنان اليوم ضحية عدوان إلكتروني، سيبراني، جوي وبحري، وقد يتحول إلى عدوان بري، بل إلى مسرح لحرب إقليمية واسعة، وآمل أن أعود إلى بلدي متسلحاً بموقفكم الصريح الداعي لوقف هذا العدوان واحترام سيادة بلدي وسلامته”.
وأضاف ميقاتي: “ما نشهده اليوم هو تصعيد غير مسبوق، مع اللجوء إلى وسائل وآليات جديدة، لا سيّما الإلكترونية، لإلحاق الأذى بأبناء شعبي. إن المعتدي يزعم أنه لا يستهدف إلا المسلحين والسلاح، ولكني أؤكد لكم أن مستشفيات لبنان تعج بالجرحى المدنيين، وبينهم العشرات من النساء والأطفال. أمام ذلك يبقى السؤال: من يضمن عدم حصول هكذا اعتداءات على دول أخرى إذا لم تُتّخذ إجراءات رادعة وعقابية حاسمة بحق المعتدي؟ من يكفل لنا كدولة لبنانية، أو أي دولة أخرى، سلامة غذائها ومائها وأيّ مواد تدخل أراضيها من أي ضرر؟”.
وتابع: “إنني أتحدث باسم لبنان، ووجودي هنا ليس لتقديم شكوى فقط، ولا لتقديم عرض مفصّل عن عدد الشهداء والجرحى والدمار الذي هجر البشر ودمر الحجر، فذلك مثبت للرأي العام العالمي بالصوت والصورة. إنما وجودي هنا للخروج من هذه الجلسة بحل جدي يقوم على تضافر جهود جميع أعضاء مجلس الأمن للضغط على إسرائيل لوقف فوري لإطلاق النار على كل الجبهات وعودة الأمن والاستقرار لمنطقتنا”، معلناً أن “الشعب اللبناني يرفض الحرب، ويؤمن بالاستقرار، ويعمل من أجل المستقبل”.
وأشار إلى “أن التوترات الحالية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات طويلة من النزاعات والاعتداءات التي لم تجد حلولًا جذرية. إن إسرائيل لم تتوقف عن انتهاك قرارات الأمم المتحدة التي صدرت على مدى سنوات عدة، وخصوصاً القرار 1701، الذي كان من المفترض أن يشكل إطاراً لتحقيق الاستقرار الدائم في جنوب لبنان. لكن للأسف، ما زلنا نرى الانتهاكات الإسرائيلية لسيادتنا على مدار الساعة، براً وبحراً وجواً. إن هذه الانتهاكات المتكررة تقوّض كل جهود الاستقرار، وتعرّض المنطقة كلها لخطر الانفجار في أي لحظة. من هنا، نؤكد التزام الحكومة اللبنانية القرار 1701 الصادر عام 2006 عن مجلسكم الكريم، الذي أطالبه اليوم بالعمل الجاد والفوري لضمان انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الانتهاكات التي تتكرر يومياً. كما نؤكد ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري، لأن تداعيات ما يجري هناك تنعكس بشكل مباشر على الوضع في لبنان والمنطقة، وهي لن تقف عند حدوده، وإنما قد تشمل كل الشرق الأوسط إن لم يتم معالجتها بالسرعة الممكنة”.
وختم: “إن عدم التوصل إلى حل، من شأنه أن يجعل الأمور أكثر تعقيداً. فاستمرار هذا العنف لن يؤدي إلا إلى المزيد من التصعيد، وهو ما لا يخدم مصلحة أي طرف في هذه المعادلة المعقدة”.
من ناحيتها، رحبت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت وأشادت بالدعوة “إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يومًا للسماح بمساحة للدبلوماسية للنجاح”. وعوّلت في تصريح “على دعم واضح من الجميع لاغتنام هذه الفرصة.. حرصاً على سلامة المدنيين من الجانبين، واستقرار المنطقة بأكملها”.