كشفت صحيفة هآرتس العبرية، أمس الأحد، أن الجهة التي تقف وراء الرحلات الغامضة التي تنقل فلسطينيين من قطاع غزة عبر مطار رامون، هي جمعية يديرها شخص يحمل جنسية مزدوجة، إسرائيلية إستونية، وتبين أنها مجرد واجهة لشركة استشارات مسجلة في إستونيا. وكانت سلطات الحدود في جنوب أفريقيا قد قالت يوم الجمعة الماضي، في بيان، إنه جرى السماح بدخول عشرات الفلسطينيين وصلوا إلى مطار “أو. آر. تامبو الدولي” في جوهانسبرغ، الأربعاء، قادمين من كينيا، بعد رفض دخولهم في البداية لعدم استيفائهم شروط الدخول.

ورغم الاستقبال، أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، في تصريحات نقلتها وكالة أسوشييتد برس، أن “أجهزة الاستخبارات في البلاد تحقق في الجهة التي تقف وراء طائرة مستأجرة هبطت في جوهانسبرغ، وعلى متنها أكثر من 150 فلسطينياً قادمين من غزة التي مزقتها الحرب، دون أن يحملوا وثائق سفر رسمية”. وقالت الصحيفة الإسرائيلية في تحقيق لها إن الجمعية تعرض على الفلسطينيين دفع نحو ألفين دولار مقابل حجز مقعد على رحلات طيران مستأجرة تتجه إلى دول بعيدة مثل إندونيسيا وماليزيا وجنوب أفريقيا.

ويزعم موقعها الإلكتروني، أنها جمعية أُسست في ألمانيا ولها مكاتب في القدس، غير أن التحقيق الصحافي أظهر أن التسجيل الفعلي يجري في إستونيا، وأن النشاط يُدار عبر تلك الشركة الاستشارية. وأضافت “هآرتس” أن مديرية الهجرة الطوعية في وزارة الأمن الإسرائيلي أحالت نشاط هذه الجهة إلى منسق أعمال الحكومة في المناطق لتنسيق خروج الفلسطينيين من القطاع. وأشارت إلى أن عدة رحلات استأجرتها هذه الجهة أقلعت خلال الأشهر الأخيرة من مطار رامون قرب إيلات، وعلى متنها مجموعات من الغزيين، في مؤشر على مسار شبه منظم لخروج أعداد متزايدة، وليس مجرد حالات فردية.

بدورها، أوضحت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن منظمة تُدعى “المجد” ومقرها في القدس، كانت مسؤولة عن إخراج أكثر من 150 فلسطينياً من القطاع. وتعمل هذه المؤسسة التي أُسست في 2010، على تهجير الفلسطينيين من القطاع بذريعة “المساعدة”، كما تزعم أنها “تساعد المجتمعات المسلمة في مناطق النزاع”، وفق الصحيفة التي لم تقدم تفاصيل أخرى بشأنها. ولا يتضمن الموقع الإلكتروني للمؤسسة أرقام هواتف أو عناوين، وقائمة شركائها فارغة، بالرغم من أنها تعمل مع 15 هيئة دولية، لكنها مرفقة برسالة: “ستُنشر التفاصيل قريباً”، وفق المصدر نفسه.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي (لم تسمه) قوله إن “إسرائيل رافقت الحافلات التي نقلت المسافرين من نقطة التقاء في غزة (لم يحددها) إلى معبر كرم أبو سالم (خاضع لسيطرة تل أبيب)، ومن هناك نقلتهم حافلات أخرى إلى مطار رامون (في النقب)، الذي أقلعت منه الطائرة”. وتابعت: “أثارت سرية الرحلة مخاوف منظمات حقوق الإنسان، التي حذرت من أنها قد تكون جزءاً من مسعى إسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من القطاع”. ونقلت الصحيفة العبرية عن منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان، قوله إن الفلسطينيين غادروا القطاع بعد أن حصلت تل أبيب على إذن من دولة ثالثة لاستيعابهم دون تسميتها.

وكانت إسرائيل، التي تسيطر على أكثر من نصف مساحة قطاع غزة، قد بحثت سابقاً مع دول، بينها جنوب السودان، إمكانية تهجير فلسطينيي القطاع إليها، وفق ما أوردته “أسوشييتد برس” في أغسطس/آب الماضي. وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن نحو 40 ألف فلسطيني غادروا القطاع منذ بدء الإبادة الإسرائيلية في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وتحدث وزراء بالحكومة الإسرائيلية عدة مرات عن فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ضمن حرب الإبادة الجماعية التي شنتها تل أبيب على القطاع على مدار عامين.

وكانت السلطات في جنوب أفريقيا قد سمحت لـ153 فلسطينياً من غزة بدخول البلاد، الخميس الماضي، وقال مفوّض هيئة إدارة الحدود مايكل ماسياباتو إن المسافرين لم يقدموا التفاصيل الخاصة بمدة إقامتهم وأماكن معيشتهم المقصودة في جنوب أفريقيا. وأضاف: “لم تكن لديهم أختام المغادرة المعتادة على جوازات سفرهم”. وقالت وزارة الداخلية في جنوب أفريقيا إن السفارة الفلسطينية أبلغتها بأن المجموعة تعرّضت للخداع، ودفع أفرادها أموالاً لمؤسسة غير مسجلة “حاولت فيما بعد التنصل من المسؤولية بمجرد بدء التعقيدات بالظهور”. وترددت أنباء بأن المسافرين الفلسطينيين جاءوا من غزة بعد وضعهم بطريقة غامضة على متن طائرة إلى العاصمة الكينية نيروبي، ثم توجهوا إلى جنوب أفريقيا وأنه ليست لديهم أية وثائق.

(الأناضول، العربي الجديد)

شاركها.
Exit mobile version