بينما تحتفل دول العالم أجمع، بـ “يوم المرأة” الذي يصادف اليوم السبت (الثامن من آذار) لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 21 فلسطينية في سجونه، بظروف احتجاز قاسية تنعدم فيها أدنى مقومات الرعاية الإنسانية والصحيّة.
ورصدت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في تقرير صادر عنها، ويحكي عن واقع الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، وما يتعرضن له من تعذيب وإهانة وسوء معاملة على يد القوات الإسرائيلية.
ومن بين إجمالي الـ 21 أسيرة يقبعن في سجن الدامون، هناك 12 أم بينهن سيدة حامل، و7 مريضات (منهن مريضة سرطان)، و7 معلّمات، و4 طالبات جامعيات، بالإضافة لمعقلتين إداريتين واثنتين محكومات بالسجن، كما يوجد أسيرة صحافية وأخرى جريحة، وطفلة.
ويعانين الأسيرات من ظروف احتجاز قاسية تنعدم فيها أدنى مقومات الرعاية الصحية والإنسانية، وسط إهمال طبي متعمد، ما يعرّض حياتهن للخطر ويضاعف من معاناتهن اليومية، وفق ما أوردته الضمير.
وأشارت إلى أنّه ومنذ عام 1967، اعتقلت قوات الاحتلال حوالي 14 ألف امرة فلسطينية، فيما كثفت حملات الاعتقال الممنهجة بحق النساء من مختلف المناطق بعد السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 بما في ذلك القاصرات، حيث رصدت الضمير اعتقال ما يزيد عن 490 امرأة وهي أعلى نسبة اعتقال من النساء.
وذكرت أنّه يتم اعتقالهن من الشوارع أو أثناء عبورهن الحواجز أو بعد اقتحام منازلهن ليلاً، ويصطحب الجنود كلابًا بوليسية لترهيب العائلات وتدمير محتويات المنازل.
وخلال الاعتقال، يتم تعصيب أعينهن وتقييد أيديهن خلف ظهورهن، ثم يتم نقلهن داخل الجيبات العسكرية، حيث يتعرضن للتعذيب وسوء المعاملة.
كما لجأت قوات الاحتلال إلى اعتقال النساء كرهائن، للضغط على أفراد عائلاتهن المستهدفين لإجبارهم على تسليم أنفسهم، في سياسة تصاعدت بشكل ملحوظ عقب ذلك التاريخ.
وشملت هذه الانتهاكات اعتقال زوجات أسرى وشهداء، وأمهات مسنات تجاوزن السبعين عامًا، إلى جانب فئات أخرى لم تقتصر على النساء فقط.
ورصدت الضمير اعتداءات ممنهجة ضد الأسيرات بعد 7 أكتوبر، شملت العزل الانفرادي، والاعتداء الجسدي ومصادرة كافة مقتنياتهن وحرمانهن من حقوقهن الأساسية، بما في ذلك التواصل مع عائلاتهن وأطفالهن.
وإلى جانب ذلك، فرضت إدارة السجون سياسة التجويع، حيث منعت الأسرى والأسيرات من شراء مواد غذائية إضافية عبر الكانتينا، وزودتهن بطعام سيء من ناحية الكمية والنوعية، عدا عن الإهمال الطبي الممنهج، الذي يشكل جريمة متعمدة بحقهن.
وفاقمت حالة الاكتظاظ داخل السجن من معاناة الأسيرات، مما أجبر عددًا منهم على النوم على الأرض، في ظل نقص حاد في الملابس والأغطية تفاقم مع موجات البرد القاسية، حيث أن بعض الأسيرات كن يلبسن ذات الملابس التي اعتُقلن بها لفترة طويلة جدًا دون استبدالها.
اعتداءات لم تسلم منها القاصرات..
ولم تقتصر حملات الاعتقال على النساء الفلسطينيات فقط، بل تشمل أيضًا القاصرات، حيث اعتقل الاحتلال عشرات الفتيات القاصرات على مدار السنوات.
واستشهدت مؤسسة الضمير، بحالة الأسيرة (س.ص)، التي لا تزال تقبع في سجن الدامون، وتروي عن تجربتها الصعبة في الاعتقال الذي بدأت بتاريخ 5/1/2025، حيث تم وضعها في معسكر عوفر أول يومين، ونامت على الأرض بدون فرشة أو حرام، وكان هناك مكيف بارد طوال الوقت.
وفي اليوم الثالث، خضعت لتحقيق طويل استمر من الساعة 3 عصرًا حتى 1 فجرًا، وبعد التحقيق، أخذها الجنود إلى جيب عسكري حيث جلس جندي على اليمين وآخر على اليسار، وهددوها بالضرب إذا لم تتحدث، وتعرضت للضرب بالكتب على رأسها ووجهها أثناء الطريق لمدة 40 دقيقة.
وعند وصولها إلى معسكر آخر، اقتيدت إلى غرفة حيث تجمع الجنود والمجندات، وهناك ضُربت بأقدامهم وهي فاقدة الوعي، ثم وضعوا غطاء على رأسها وصوروها، قبل أن ينقلوها مع معتقلين آخرين إلى المسكوبية.
واقع صعب لأسيرات غزة وإخفاء قسري مستمر..
مع بدء الاجتياح الإسرائيلي البري خلال الحرب على قطاع غزة، نفذ الاحتلال عمليات اعتقال واسعة لنساء من غزة واحتجزهن في معسكراته، بما في ذلك سجن الدامون، بالإضافة إلى اعتقال عدد من النساء المريضات من قطاع غزة في مستشفيات القدس والضفة الغربية أثناء تواجدهن في القدس والداخل المحتل.
ولا زالت قوات الاحتلال تعتقل أسيرة مسنة من قطاع غزة بعد الإفراج عن عشرات من أسيرات غزة، وتم نقل شهادات قاسية عن عمليات اعتقالهن، وظروف احتجازهن في المعسكرات، حيث تعرضن للإذلال والتنكيل، وحرمان من كافة حقوقهن.
كما تم تهديدهن بالاغتصاب، وإخضاعهن للتفتيش العاري المذل، والتحرش بهن، بالإضافة إلى الشتائم والألفاظ النابية التي استخدمها جنود الاحتلال بحقهن، بحسب ما أوردته الضمير.
وتعمدت سلطات الاحتلال إخفاء مصير عدد من النساء اللاتي اعتقلن من القطاع، وفي ظل منع المحامين من زيارتهن على مدار أشهر، أصبح من الصعب معرفة ظروف احتجازهن وتوثيق الانتهاكات التي ترتكب بحقهن.
وأشارت مؤسسة الضمير، إلى أنّ أسيرات غزة في سجن الدامون، كنّ ممنوعات من زيارات المحامين بشكل تام مما أدى إلى فرض عزل مضاعف بحقهن.
إهمال طبي وحبس منزلي..
ووفقاً لما جاء في تقرير مؤسسة الضمير، فإنّ سلطات الاحتلال تتبع سياسة متعمدة من الإهمال الطبي تجاه الأسيرات الفلسطينيات، حيث تعاني العديد منهن من إصابات جسدية أو أمراض جسدية ونفسية.
وغالبًا ما يتم نقل الأسيرات المصابات إلى سجن الدامون قبل أن يتعافين تمامًا، مما يفاقم معاناتهن بين السجن والمستشفيات بسبب تأخير علاجهن من قبل إدارة السجون.
ولا تقتصر ملاحقة الاحتلال للنساء على السجون فحسب، بل تشمل أيضًا إصدار أوامر بالحبس المنزلي بحقهن، إضافة إلى عدد من الأسيرات اللاتي لا زلن يتحاكمن أمام المحاكم الإسرائيلية على قضايا أمنية ومدنية.
وشددت مؤسسة الضمير أنّ هذه السياسات تشكل جزءًا من الحملة المستمرة التي تهدف إلى ملاحقة النساء الفلسطينيات، في محاولة لكسر صمودهن وفرض مزيد من الضغوط عليهن وعلى أسرهن.
وطالبت مؤسسة الضمير الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بالعمل الفوري على وقف الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال، وضمان التزامها بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما شددت على ضرورة إلزام دولة الاحتلال بإطلاق سراح كافة الأسيرات دون قيد أو شرط لأن اعتقالهن بهذه الظروف يشكل اعتقالا تعسفيا وهو جريمة حرب.