في الأسابيع الأخيرة، عادت نغمة الاتهامات الموجهة للاتحاد الدولي لكرة القدم، بمحاباة ليونيل ميسي، للارتفاع من جديد، خاصة بعد حرص جياني إنفانتينو رئيس الفيفا، على السفر إلى أمريكا لمتابعة مباريات إنتر ميامي تحديدا.
هذا فضلا عن إعلان مشاركة إنتر ميامي في كأس العالم للأندية 2025، دون انتظار معرفة بطل الدوري الأمريكي، بصفته الأحق بتمثيل البلد المستضيف للبطولة الصيف القادم.
وتنص الاتهامات على أن “الفيفا استغل تتويج إنتر ميامي بدرع المشجعين التكريمي الذي يُمنح للفريق الأكثر حصدا للنقاط”، لاعتبار رفاق ميسي أبطالا للدوري، وهو ما ينافي الواقع، الذي يقول إن “بطل الدوري الأمريكي هو الفريق الذي يتوج في نهاية الدور الفاصل”، وهو الدور الذي تعرض فيه إنتر للإقصاء.
وفي نهاية المطاف، توج لوس أنجلوس جالاكسي بلقب الدوري الأمريكي، وهو ما يمنحه أحقية تمثيل بلاده في مونديال الأندية، لكن وجود ميسي في إنتر ميامي، جعل الفيفا يخالف اللوائح بشكل صارخ، مما تسبب في عودة الاتهامات له من جديد باعتبار “ميسي الابن المدلل” الذي تكسر من أجله، كل القوانين والأعراف.
الابن المدلل
يعد ليونيل ميسي، قائد منتخب الأرجنتين وإنتر ميامي، أحد أساطير كرة القدم في العصر الحديث، ويعتبره البعض، اللاعب الأفضل على الإطلاق.
وحصد البرغوث في مسيرته، كافة الألقاب الممكنة التي نافس عليها، كما حاز على مجموعة هائلة من الجوائز الفردية المرموقة.
لكن مسيرة ميسي التاريخية شابها بعض الأمور التي لطخت سمعته في عيون شريحة عريضة من جماهير كرة القدم، والتي شككت في مكانته بسببها.
ومن الاتهامات التي وجهت إلى ميسي، هو أنه “الابن المدلل للفيفا”، بناء على بعض الشواهد والدلالات التي عايشها أغلب عشاق الساحرة المستديرة.
وبالعودة إلى بدايات ميسي، سنجد أنه حاز على أول جائزة “فيفا بالون دور” بعد تعاون مجلة “فرانس فوتبول” والفيفا بين عامي 2010 و2015.
وكان ذلك التتويج صادما للكثيرين، خاصة أنه جاء في عام كأس العالم، الذي شهد تألق نجوم منتخبي إسبانيا وهولندا، وعلى رأسهم تشافي وأندريس إنييستا وويسلي شنايدر.
وكان شنايدر تحديدا، الأكثر تألقا في ذلك العام، بعدما حصد 5 ألقاب مع إنتر ميلان، أبرزها ثلاثية الدوري الإيطالي والكأس ودوري أبطال أوروبا، فضلا عن وصوله إلى نهائي المونديال آنذاك، بجانب مستواه الاستثنائي على الجانب الفردي.
ورغم فشل ميسي في التتويج بأهم لقبين “كأس العالم ودوري الأبطال”، فإنه حمل جائزة “فيفا بالون دور” في نسختها الأولى.
هذا ما تعارض مع تتويجه بجائزة “ذا بيست” التي تمنحها الفيفا أيضا لأفضل لاعب في العالم عام 2022، حيث كان التتويج بالمونديال كافيا لحمل ميسي الجائزة من جديد، وهو عكس ما حدث مع شنايدر وآخرين.
كما زادت حدة الاتهامات في العام التالي (2023) بتتويج ميسي مجددا بجائزة “ذا بيست”، رغم رحيله عن أوروبا وتحوله إلى الدوري الأمريكي، الأقل مستوى، إلا أن تبعات تتويجه بالمونديال استمرت حتى حصده جائزة الفيفا مرتين متتاليتين لنفس السبب، رغم تألق لاعبين أمثال كريم بنزيما وإيرلينج هالاند في هذين العامين، فرديا وجماعيا.
بل شهد العام الحالي، وضع ميسي مجددا ضمن قائمة المرشحين لجائزة “ذا بيست”، رغم غيابه عن الملاعب لفترات طويلة بسبب كثرة إصاباته، فضلا عن عدم تأثيره على تتويج الأرجنتين بلقب كوبا أمريكا، والاكتفاء بتسجيل هدف وحيد، إلى جانب عدم تفوقه فرديا على لاعبين كثيرين ينشطون في أوروبا، أمثال محمد صلاح، كول بالمر وفيل فودين.
لكن الفيفا رأى أن تميز ميسي في الدوري الأمريكي والتتويج بدرع المشجعين، يتفوق على تتويج فودين بالبريميرليج – الأقوى في العالم – ونيل جائزة لاعب العام به.
مساعدات في الطريق
الاتهامات الموجهة للفيفا بمساعدة ليونيل ميسي، لا تقتصر على الجوائز الفردية فحسب، بل وصل الأمر إلى ملاعب كرة القدم.
وظهرت هذه الاتهامات مجددا في مونديال قطر 2022، حيث رأى البعض أن ثمة مساعدات قدمها الفيفا لقائد الأرجنتين ورفاقه على مدار البطولة، أبرزها منح الفريق 5 ركلات جزاء مشكوك في بعضها، أهدر ميسي، إحداها.
هذا جعل الأرجنتين، المنتخب الأكثر حصولا على ركلات جزاء في نسخة واحدة بكأس العالم منذ عام 1966 على الأقل، وهو ما ساعد ميسي على المنافسة على لقب الهداف، نظرا لتسجيله 4 أهداف من علامة الجزاء، إلى جانب 3 آخرين من اللعب المفتوح.
لكن هناك اتهامات أخرى بخلاف ذلك وجهت للفيفا، خاصة بعد مواجهة هولندا في ربع النهائي، حيث كان مشهد تجاهل الحكم لمخالفة ميسي وعدم منحه بطاقة صفراء، غريبا للغاية في نظر أصحاب هذه الاتهامات.
فالواقعة شهدت رفع ميسي، ذراعه لإيقاف الكرة بيده بوضوح، وهو ما دفع الحكم لاحتساب مخالفة لصالح هولندا، لكنه أعقب قراره بتجاهل صريح للقانون بعدم إنذار البرغوث.
وما زاد من الطين بلة، أن ميسي حصل على إنذار آخر في نفس المباراة، لإصراره على الاعتراض بطريقة غير لائقة على الحكم، وهو ما كان يعني حصوله على بطاقة صفراء ثانية ومن ثم الطرد، لكن تجاهل الإنذار الثاني أبقاه في الملعب دون عقوبة مغلظة، ومنحه فرصة خوض نصف النهائي.
وبالتأكيد، لعبت هذه المشاهد والتوجهات التي يعتبرها بعض المشجعين بمثابة “محاباة واضحة لميسي”، دورا في تشويه سمعة الأسطورة الأرجنتيني، رغم موهبته الفذة وتاريخه الاستثنائي، وهو ما جعل البعض يشكك في أحقيته ببعض الألقاب والجوائز التي حصدها طوال رحلته.