من بين الأهداف الاستراتيجية التي استهدفها الهجوم الصاروخي للمقاومة، ليل الأحد، «مُجمعات الصناعات العسكرية لشركة رافائيل المتخصّصة في الوسائل والتجهيزات الإلكترونية» في شمال مدينة حيفا. ضربة معنوية قبل أن تكون عسكرية أو أمنية لفخر شركات التصنيع العسكري الإسرائيلية، والأكبر في هذا القطاع. تعمل «رافائيل» على عدّة صعد، من صواريخ جو – أرض، إلى منظومات الدفاع الجوي، والاستخدام التكنولوجي في الحرب الذي ظهرت بعض منتجاته بشكل جلي خلال الأشهر الـ 11 الماضية باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية.

المعرفة التي تمتلكها «رافائيل» مدمجة في كل الأنظمة التي تستخدمها القوات العاملة في جيش العدو. وتتمتع الشركة بعلاقة خاصة مع جيش الاحتلال، إذ تقوم بتطوير المنتجات وفقاً للمتطلبات المحددة لجنوده وتشكيلاته في الميدان. وهي تلعب دوراً أساسياً في الحرب الوحشية التي يشنّها العدو على غزة، وفي اعتداءاته اليومية على لبنان.
أهمية «رافائيل» ليست عسكرية فقط، بل أيضاً في كونها مصدر دخل للاقتصاد الإسرائيلي. فقد بلغ حجم مبيعاتها في النصف الأوّل من السنة الجارية نحو مليار دولار، وجزء مهم من هذه المبيعات يذهب إلى الجيش الإسرائيلي، بدليل ارتفاع حجم المبيعات بنسبة 25% مقارنة بالنصف الأول من عام 2023، بالتزامن مع بداية الحرب الإسرائيلية على غزّة. شكّلت هذه النتائج المالية حافزاً لشركات التصنيف الائتماني لرفع تصنيف الشركة إلى A مع أفق مستقر، وهو أعلى تصنيف أُتيح لشركة إسرائيلية. ويتربّع على رأس مجلس إدارة الشركة يوفال شتاينتس، فيما يحتل يوآف تورغمان منصب الرئيس التنفيذي للشركة.
تعمل «رافائيل» في العديد من المجالات، منها قسم أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الذي طوّر منظومة «مقلاع داوود»، بالشراكة مع شركة «رايثيون» الأميركية، وهي مُصمّمة لاعتراض الصواريخ المتوسطة المدى، وجزء من نظام الدفاع الجوي المعقّد الذي تمتلكه إسرائيل لمحاولة صدّ الهجمات الصاروخية. كما أن «رافائيل» واحدٌ من متعهدي تزويد نظام القبة الحديدية بالذخيرة الخاصة به.
وللشركة قسم يُعنى بسلاح الجو وأنظمة الاتصالات والمراقبة والاستطلاع. كما تنتج صواريخ «كروز» من عائلة Popeye. وبدأت في أوائل الثمانينيات في تطوير صواريخ Popeye-1 كصاروخ كروز جو – أرض متوسط المدى، وPopeye-2 هو أخف وزناً وأصغر حجماً. وتصدر «رافائيل» صواريخ كروز Popeye إلى عدد من البلدان، من بينها أستراليا وتركيا والهند وكوريا الجنوبية. كذلك عملت الشركة على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي، أهمها نظام «puzzle» الذي يدمج معلومات من أجهزة استشعار متنوعة لإنشاء مجموعة بيانات شاملة و«مفلترة»، ويحلل كمية كبيرة من المعلومات للمساعدة في عملية اتخاذ القرار في الحروب.

أحد أهم أقسام الشركة هو قسم التطوير والأبحاث الذي تستثمر «رافائيل» فيه 7% من مداخيلها السنوية، وهو الأساس لكل عمليات التطوير التكنولوجي الذي تقوم به. كما تمتلك أقساماً تعمل في المجالات البرية والبحرية وتطوير محركات الصواريخ والرؤوس الحربية وغيرها. وتُعدّ «رافائيل» جزءاً من «تاريخ» الكيان. ففي عام 1948، أنشأت الحكومة الإسرائيلية ما سُمّي «فيلق العلوم»، وهو الاسم السابق لشركة «رافائيل»، كمختبر للأبحاث والتصميم للجيش الإسرائيلي. وأعيد تنظيم الفيلق عام 1958، ليتحوّل إلى شركة مستقلة تابعة لوزارة الدفاع تحت اسم «رافائيل». ونظراً إلى علاقتها الوثيقة بوزارة الدفاع، شاركت الشركة، ولا تزال، في عمليات البحث والتصميم وإنتاج العديد من تقنيات الدفاع المبتكرة. وقد أدّى تأسيس الشركة إلى نقل صناعة الأسلحة الإسرائيلية إلى مستوى أعلى. وفيما انشغلت شركة «إيميت» بشكل أساسي بتطوير وتصنيع أنظمة الأسلحة التقليدية؛ تخصصت «رافائيل» في تعزيز البرامج التكنولوجية المتقدّمة.

وتمتلك الشركة عدداً كبيراً من المصانع في إسرائيل، كلها في مرمى صواريخ المقاومة الإسلامية، ومن بينها ثلاثة في منطقة الجليل. وبحسب «مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير» («يوفيد»)، هي مصنع ثيراديون الذي يعمل في مجال الأنشطة السيبرانية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، و«مصنع رافائيل لأنظمة القتال المتقدّمة المحدودة»، وثالث في مستوطنة شلومي.

صحيفة الاخبار اللبنانية

شاركها.
Exit mobile version